بدأ الإهتمام بدراسة الذكاء الوجداني منذ التسعينات من هذا القرن، وتنامى إحساس لدى المسؤولين التربويين بأهمية الذكاء الوجداني
بشكل ملحوظ منذ منتصف هذا العقد، ونستطيع أن نٌرجع ذلك لسببين هامين:
الأول: ظهور دلائل قوية تشير إلى أهمية الذكاء الوجداني كعامل أساسي للتنبؤ بالنجاح، حيث يؤدي الذكاء الوجداني دوراً هاماً في النجاح
الأكاديمي والمهني ويعطي حظاً أوفر للسعادة في الحياة الاجتماعية والأسرية والصحة النفسية والجسدية بشكل عام.
الثاني: التدني الملحوظ في مستوى الثقافة الوجدانية، وقد حذر جولمان Golman من الهبوط الحادث في مستوى الكفاءة الوجدانية خلال العشرين عاماً الماضية، والدليل على ذلك تزايد معدل جرائم العنف، وزيادة الإصابة بالاكتئاب وحتى لدى الأطفال ، والصراعات المتكررة. ومع تزايد الحاجة للاهتمام بمحو الأمية الوجدانية فإن الأمل كبير في إمكانية تطوير مهارات الذكاء الوجداني. فكثير من الدراسات أثبتت أن مهارات الذكاء الوجداني يمكن تعلمها على مدى العمر، وأن نمو مهارات الذكاء الوجداني تتيح فرصاً لنمو مهارات أخرى مثل الصدق، الحدث، والثقة بالآخرين، وتقدير النقد البناء، والقدرة على إيجاد الحلول، والقدرة على القيادة، وقد أشارت الدراسات إلى أن الأفراد ذوو الذكاء الوجداني يكونون على وعي بكل من مشاعرهم الخاصة ومشاعر الآخرين من حولهم، فهم على وعي بكل جوانب الخبرات الإيجابية والسلبية الداخلية، كما أنهم قادرون على تسميتها وتحديدها، وعندما تكون مناسبة فإنهم يتواصلون معها، ويؤدي مثل هذا الوعي إلى التنظيم الفعال للمشاعر والعواطف داخلهم وداخل الآخرين، ومن ثم تحقيق الصحة النفسية، وعادة ما يكون ذوالذكاء الوجداني سعيداً بتواجده مع الآخرين وتواجدهم معه، فهو يدفع المشاعر نحو النضج والنمو، وقد تتطلب مساعدة الآخرين- التي قد تجعل الفرد سعيداً- التضحية والحزم الوجداني. وهو ما يجعل ذوي الذكاء الوجداني يدركون مشاعرهم بدقة ويستخدمونها بصورة تثري حياتهم الوجدانية.
فالذكاء الوجداني هو الأساس الذي يبنى عليه أي نوع آخر من أنواع الذكاء، وهو الأكثر ارتباطاً بقدرة الفرد على النجاح. والذكاء
الوجداني ليس فقط قوة كامنة داخلنا يمكننا استغلالها، ولكنه لا ينفصل عن أداء سائر القدرات العقلية التي نستخدمها بالفعل وكثيراً ما
يرجع الفشل في استخدام هذه القدرات العقلية إلى خلل في الذكاء الوجداني.
فإذا كان الذكاء الأكاديمي موجهاً للسيطرة على العالم الخارجي، فإن الذكاء الوجداني موجه للسيطرة على عالم الإنسان الداخلي؛ حيث
يهتم الذكاء الوجداني بوعي الفرد بذاته وقدرته على إدارة مشاعره وأحاسيسه، وكذلك قدرته على فهم الآخرين ووضع الإستراتيجيات
المناسبة للتعامل معهم. وأن تنمية مهارات الذكاء الوجداني تتـيح للإنسان مستوى أعلى في التعامل مع المشكلات الشخصية والإجتماعية،
وفرصاً أكبر للنجاح في الحياة الدراسية والمهنية